كم من إنسان هلك مع الهالكين .. واستحق اللعنة إلى يوم الدين .. بسبب أنه لم يحقق التوحيد ..
الله هو الرب الواحد .. لا يتوكل العبد إلا عليه .. ولا يرغب إلا إليه .. ولا يحلف إلا باسمه .. ولا ينذر إلا له ..
فهذا هو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله .. ولهذا حرم الله على النار أهلَ لا إله إلا الله ..
وانظر إلى معاذ رضي الله عنه .. لما مشى خلف النبي صلى الله عليه وسلم .. فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم فجأة ثم سأله ..
يا معاذ : أتدري ما حق الله على العباد .. وما حق العباد على الله .. قال : الله ورسوله أعلم ..
فقال صلى الله عليه وسلم : حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً .. وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً ..
وفي حديث آخر .. أنه رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله .. أي ذنب عند الله أعظم .. فقال صلى الله عليه وسلم : أن تجعل لله نداً وهو خلقك ..
نعم .. التوحيد من أجله .. بعث الله الرسل .. قال تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } .. والطاغوت هو كل ما عبد من دون الله .. من صنم أو قبر ..
والتوحيد هو مهمة الرسل الأولى كما قال تعالى : { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } ..
والأعمال كلها متوقفة في قبولها على التوحيد .. قال تعالى : { وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } .. ومن حقق التوحيد نجا ..
كما صح عند الترمذي .. أن الله تعالى قال : يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة ..
ولعظم أمر التوحيد .. خاف الأنبياء من فقده ..
فذاك أبو الموحدين .. محطم الأصنام .. وباني البيت الحرام .. إبراهيم عليه السلام .. يبتهل إلى الملك العلام .. ويقول : { واجنبني وبني أن نعبد الأصنام } .. ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم ؟ .